كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن اعتراف داخل المؤسسة الأمنية الصهيوني بإخفاق استخباري ممتد، تمثل في العجز عن اختراق قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مدى نحو عشرين عاماً.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الجمعة إن أجهزة الاستخبارات الصهيونية، بما فيها جهاز الأمن العام (الشاباك)، ووحدة 504 التابعة للاستخبارات العسكرية، إضافة إلى جهاز الموساد، لم تنجح طوال عقدين في تشغيل أي عميل "ذي قيمة" داخل الدائرة القيادية لحركة حماس.

وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أنه منذ تنفيذ خطة "فك الارتباط" عن قطاع غزة عام 2005، لم تتمكن حكومة الاحتلال من زرع أي مصدر استخباري مؤثر داخل قيادة الحركة، في ظل الانسحاب الصهيوني الأحادي من القطاع وإخلاء المستوطنات والقواعد العسكرية منه.

وأضافت الصحيفة أن تقديرات الشاباك، قبيل عملية "طوفان الأقصى"، كانت تشير إلى أن حماس لا تتجه نحو التصعيد، معتبرة أن ذلك يعكس "فشلاً وعمى عميقين" لم يقتصر على الشاباك وحده، بل شمل أيضاً الاستخبارات العسكرية وبقية المنظومة الأمنية الصهيونية.

وتساءلت الصحيفة، في سياق نقدها، عن كيفية عجز صهيوني عن فهم ما يجري على مسافة لا تتجاوز مئة كيلومتر جنوب تل أبيب، في وقت تمكنت فيه، وفق تعبيرها، من تجنيد عملاء داخل إيران التي تبعد آلاف الكيلومترات.

وعزت يديعوت أحرونوت هذا الفشل إلى جملة عوامل، من بينها عزلة قطاع غزة بعد الانسحاب الصهيوني وفرض الحصار، ما أدى، بحسب الصحيفة، إلى غياب "قنوات الاختراق التقليدية" مثل الاقتصاد، والسياحة، والعلاقات الدبلوماسية، وهي أدوات تعتمد عليها أجهزة الاستخبارات عادة في تجنيد العملاء. وأضافت أن "غياب الاحتكاك يجعل عملية التجنيد شبه مستحيلة".

كما أشارت إلى أن حماس راكمت فهماً معمقاً لأساليب العمل الاستخباري الصهيوني، في وقت تأخرت فيه الاحتلال عن إدراك هذا التحول، لافتة إلى أن الحركة شددت إجراءاتها الأمنية، وأغلقت مسارات الاختراق عبر الحدود والبحر والمعابر، ونفذت حملات تطهير وإعدامات علنية بحق من تتهمهم بالعمل لصالح إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أن عاملاً إضافياً تمثل في توجيهات صادرة عن القيادة السياسية الصهيونية، وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أوعز للجيش بتجنب التصعيد في غزة، ورفض تصفية قادة بارزين في حماس خشية الانزلاق إلى حرب "بمبادرة إسرائيلية".

وختمت يديعوت أحرونوت بالإشارة إلى مفارقة مفادها أن سياسة عزل غزة، التي اعتُمدت كتوصية سياسية وأمنية، أسهمت في جعل الاحتلال  "أعمى وأصم ومشلول" إزاء حماس، مؤكدة أن الطبيعة التنظيمية للحركة، بوصفها تنظيماً سرياً ومغلقاً ومنضبطاً وعقائدياً، زادت من صعوبة اختراقها استخبارياً. (İLKHA)